![]() |
المنتدى العام خاص بالمواضيع التي ليس لها قسم محدد في الملتقيات الاخرى |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
المنتدى العام
![]()
و لا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين . و مجموعة الشعائر و المناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ، فلا تكون من الدين في شيء . و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي .. و الجلباب و السروال و الشمروخ أعراف و عادات يشترك فيها المسلم و البوذي و المجوسي و الدرزي .. و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم أطول .. و أن يكون اسمك محمداً أو علياً أو عثمان ، لا يكفي لتكون مسلماً . و ديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة . و السبحة و التمتمة و الحمحمة ، و سمت الدراويش و تهليلة المشايخ أحياناً يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها . و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحياناً يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب . ما الدين إذن ... ؟! الدين حالة قلبية .. شعور .. إحساس باطني بالغيب .. و إدراك مبهم ، لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عليا تدبر كل شيء . إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتا عليا .. و أن المملكة لها ملك .. و أنه لا مهرب لظالم و لا إفلات لمجرم .. و أنك حر مسؤول لم تولد عبثاً و لا تحيا سدى و أن موتك ليس نهايتك .. و إنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم .. إلى غيب من حيث جئت من غيب .. و الوجود مستمر . و هذا الإحساس يورث الرهبة و التقوى و الورع ، و يدفع إلى مراجعة النفس و يحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئاً ذا قيمة و يصوغ من نفسه وجوداً أرقى و أرقى كل لحظة متحسباً لليوم الذي يلاقي فيه ذلك الملك العظيم .. مالك الملك . هذه الأزمة الوجودية المتجددة و المعاناة الخلاقة المبدعة و الشعور المتصل بالحضور أبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت .. و الإحساس بالمسؤولية و الشعور بالحكمة و الجمال و النظام و الجدية في كل شيء .. هو حقيقة الدين . إنما تأتي العبادات و الطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية .. لكن الحالة القلبية هي الأصل .. و هي عين الدين و كنهه و جوهره . و ينزل القرآن للتعريف بهذا الملك العظيم .. ملك الملوك .. و بأسمائه الحسنى و صفاته و أفعاله و آياته و وحدانيته . و يأتي محمد عليه الصلاة و السلام ليعطي المثال و القدوة . و ذلك لتوثيق الأمر و تمام الكلمة . و لكن يظل الإحساس بالغيب هو روح العبادة و جوهر الأحكام و الشرائع ، و بدونه لا تعني الصلاة و لا تعني الزكاة شيئا . و لقد أعطى محمد عليه الصلاة و السلام القدوة و المثال للمسلم الكامل ، كما أعطى المثال للحكم الإسلامي و المجتمع الإسلامي .. لكن محمدا عليه الصلاة و السلام و صحبه كانوا مسلمين في مجتمع قريش الكافر .. فبيئة الكفر ، و مناخ الكفر لم يمنع أياً منهم من أن يكون مسلماً تام الإسلام . و على المؤمن أن يدعو إلى الإيمان ، و لكن لا يضره ألا يستمع أحد ، و لا يضره أن يكفر من حوله ، فهو يستطيع أن يكون مؤمناً في أي نظام و في أي بيئة .. لأن الإيمان حالة قلبية ، و الدين شعور و ليس مظاهرة ، و المبصر يستطيع أن يباشر الإبصار و لو كان كل الموجودين عمياناً ، فالإبصار ملكة لا تتأثر بعمى الموجودين ، كما أن الإحساس بالغيب ملكة لا تتأثر بغفلة الغافلين و لو كثروا بل سوف تكون كثرتهم زيادة في ميزانها يوم الحساب . إن العمدة في مسألة الدين و التدين هي الحالة القلبية . ماذا يشغل القلب .. و ماذا يجول بالخاطر ؟ و ما الحب الغالب على المشاعر ؟ و لأي شيء الأفضلية القصوى ؟ و ماذا يختار القلب في اللحظة الحاسمة ؟ و إلى أي كفة يميل الهوى ؟ تلك هي المؤشرات التي سوف تدل على الدين من عدمه .. و هي أكثر دلالة من الصلاة الشكلية ، و لهذا قال القرآن .. و لذكر الله أكبر .. أي أن الذكر أكبر من الصلاة .. برغم أهمية الصلاة . و لذلك قال النبي عليه الصلاة و السلام لصحابته عن أبي بكر .. إنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة و لكن بشيء وقر في قلبه . و بهذا الشيء الذي وقر في قلب كل منا سوف نتفاضل يوم القيامة بأكثر مما نتفاضل بصلاة أو صيام . إنما تكون الصلاة صلاة بسبب هذا الشيء الذي في القلب . و إنما تكتسب الصلاة أهميتها القصوى في قدرتها على تصفية القلب و جمع الهمة و تحشيد الفكر و تركيز المشاعر . و كثرة الصلاة تفتح هذه العين الداخلية و توسع هذا النهر الباطني ، و هي الجمعية الوجودية مع الله التي تعبر عن الدين بأكثر مما يعبر أي فعل . و هي رسم الإسلام الذي يرسمه الجسم على الأرض ، سجوداً ، و ركوعاً و خشوعاً و ابتهالاً ، و فناء .. يقول رب العالمين لنبيه : (( اسجد و اقترب )) و بسجود القلب يتجسد المعنى الباطني العميق للدين ، و تنعقد الصلة بأوثق ما تكون بين العبد و الرب . و بالحس الديني ، يشهد القلب الفعل الإلهي في كل شيء .. في المطر و الجفاف ، في الهزيمة و النصر ، في الصحة و المرض ، في الفقر و الغنى ، في الفرج و الضيق .. و على اتساع التاريخ يرى الله في تقلب الأحداث و تداول المقادير . و على اتساع الكون يرى الله في النظام و التناسق و الجمال ، كما يراه في الكوارث التي تنفجر فيها النجوم و تتلاشى في الفضاء البعيد . و في خصوصية النفس يراه فيما يتعاقب على النفس من بسط و قبض ، و أمل و حلم ، و فيما يلقى في القلب من خواطر و واردات .. حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه و بين ربه طول الوقت .. حوار بدون كلمات .. لأن كل حدث يجري حوله هو كلمة إلهية و عبارة ربانية ، و كل خبر مشيئة ، و كل جديد هو سابقة في علم الله القديم . و هذا الفهم للمشيئة لا يرى فيه المسلم تعطيلاً لحريته ، بل يرى فيه امتداداً لهذه الحرية .. فقد أصبح يختار بربه ، و يريد بربه ، و يخطط بربه ، و ينفذ بربه .. فالله هو الوكيل في كل أعماله . بل هو يمشي به ، و يتنفس به ، و يسمع به ، و يبصر به ، و يحيا به .. و تلك قوة هائلة و مدد لا ينفد للعابد العارف ، كادت أن تكون يده يد الله و بصره بصره ، و سمعه سمعه ، و إرادته إرادته . إن نهر الوجود الباطني داخله قد اتسع للإطلاق .. و في ذلك يقول الله في حديثه القدسي : (( لم تسعني سماواتي و لا أرضي و وسعني قلب عبدي المؤمن )) . هذا التصعيد الوجودي ، و العروج النفسي المستمر هو المعنى الحقيقي للدين .. و تلك هي الهجرة إلى الله كدحاً . (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) . و لا نجد غير الكدح كلمة تعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة ، و الجهاد النفسي صعودا إلى الله . هذا هو الدين .. و هو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زياً رسمياً . المصدر : كتاب (( الإسلام .. ما هو ..؟ )) للدكتور مصطفى محمود المصدر : منتديات اهل السنة في العراق - من : المنتدى العام
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
ام عبد المجيد
المنتدى :
المنتدى العام
![]()
انتقاء قيمـ
جزيت بكل حرف حسنة أخيتي شكر الله جهودكـ ـآلطيبة ![]() |
||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
ام عبد المجيد
المنتدى :
المنتدى العام
![]()
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
للدكتور, محمود, مصطفى, مقتطف, الإسلام, كتاب |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه |
الموضوع |
التجمل في الإسلام |
من درر شيخ الإسلام ابن تيمية |
حرب الكاريكاتير على الإسلام |
فاتهمه على الإسلام |
دمعة على الإسلام |